مناقب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي أمير المؤمنين أبو حفص القرشي العدوى الفاروق
اسلم في السنة السادسة من النبوة وله سبع وعشرون سنة قاله الذهبي وقال النووي ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة وكان من أشراف قريش وإليه كانت السفارة في الجاهلية فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم أو بينهم وبين غيرهم بعثوه سفيرا أي رسولا وإذا نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا أو مفاخرا وأسلم قديما بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة وقيل بعد تسعة وثلاثين رجلا وثلاث وعشرين امرأة وقيل بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة فما هو إلا أن أسلم فظهر الإسلام بمكة وفرح به المسلمون
قال وهو أحد السابقين الأولين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الخلفاء الراشدين وأحد أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد كبار علماء الصحابة وزهادهم روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثا روى عنه عثمان بن عفان وعلى بن ابي طالب وطلحة بن عبيد الله وسعد بن ابي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وأبو ذر وعمرو بن عبسة وابنه عبد الله وابن عباس وابن الزبير وأنس وابو هريرة وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري والبراء بن عازب وابو سعيد الخدري وخلائق آخرون من الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم أقول وأنا ألخص هنا فصولا فيها جملة من الفوائد تتعلق بترجمته
__________________
فصل في الأخبار الواردة في إسلامه
أخرج الترمذي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام وأخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود وأنس رضي الله عنهم وأخرج الحاكم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي بكر الصديق وفي الكبير من حديث ثوبان وأخرج احمد عن عمر قال خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أتعجب من تأليف القرآن فقلت والله هذا شاعر كما قالت قريش فقرأ إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنؤن الآيات فوقع في قلبي الإسلام كل موقع وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال كان أول إسلام عمر أن عمر قال ضرب أختي المخاض ليلا فخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل الحجر وعليه بتان
وصلى لله ما شاء الله ثم انصرف فسمعت شيئا لم أسمع مثله فخرج فاتبعته فقال من هذا فقلت عمر فقال يا عمر ما تدعني لا ليلا ولا نهارا فخشيت أن يدعو علي فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال يا عمر أسرة قلت لا والذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال خرج عمر متقلدا سيفه فلقيه رجل من بني زهرة فقال اين تعمد يا عمر فقال أريد أن أقتل محمدا قال وكيف تأمن من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا فقال ما أراك إلا قد صبأت قال أفلا أدلك على العجب إن ختنك وأختك قد صبئا وتركا دينك فمشى عمر فأتاهما وعندهما خباب فلما سمع بحس عمر توارى في البيت فدخل فقال ما هذه الهينمة وكانوا يقرءون طه قالا ما عدا حديثا تحدثناه بينا قال فلعلكما قد صبأتما فقال له ختنه يا عمر إن كان الحق في غير دينك فوثب عليه عمر فوطئه وطأ شديدا فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها فقالت وهي غضبى وإن كان الحق في غير دينك إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال عمر أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه وكان عمر يقرأ الكتاب فقالت أخته إنك رجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري فقال عمر دلوني على محمد فلما سمع خباب قول عمر خرج فقال أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الدار التي في أصل الصفا فانطلق عمرحتى أتى الدار وعلى بابها حمزة وطلحة وناس فقال حمزة هذا عمر إن يرد الله به خيرا يسلم وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا قال والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه فخرج حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة فقال عمر أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبد الله ورسوله وأخرج البزار والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن أسلم قال قال لنا عمر كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا في يوم حار بالهاجرة في بعض طريق مكة إذ لقيني رجل فقال عجبا لك يا ابن الخطاب إنك تزعم أنك وأنك وقد دخل عليك الأمر في بيتك قلت وما ذاك قال أختك قد أسلمت فوجعت مغضبا حتى قرعت الباب قيل من هذا قلت عمر فتبادروا فاختفوا مني وقد كانوا يقرؤن صحيفة بين أيديهم تركوها ونسوها فقامت أختي تفتح الباب فقلت يا عدوة نفسها أصبأت وضربتها بشيء كان في يدي على رأسها فسال الدم وبكت فقالت يا ابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبأت قال ودخلت حتى جلست على السرير فنظرت إلى الصحيفة فقلت ما هذا ناولينيها قالت لست من أهلها إنك لا تطهر من الجنابة وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون فما زلت بها باسم حتى ناولتنيها ففتحتها فإذا فهيا بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت باسم من أسماء الله تعالى ذعرت منه فألقيت الصحيفة ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها فإدا فيها سبح لله ما في السموات والأرض فذعرت فقرأت إلى آمنو بالله ورسوله فقلت أشهد أن لا إله إلا الله فخرجوا إلى مبادرين وكبروا وقالوا أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين فقال اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك إما أبو جهل بن هشام وإما عمر ودلوني على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بأسفل الصفا فخرجت حتى قرعت الباب فقالوا من قلت ابن الخطاب وقد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فما اجترأ أحد يفتح الباب حتى قال صلى الله عليه وسلم افتحوا له ففتحوا لي فأخذ رجلان بعضدي حتى أتيابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال خلوا عنه ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه ثم قال أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده فتشهدت فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة وكانوا مستخفين فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلا رأيته ولا يصيبني من ذلك شيء فجئت إلى خالي أبي جهل بن هشام وكان شريفا فقرعت عليه الباب فقال من هذا فقلت ابن الخطاب وقد صبأت فقال لا تفعل ثم دخل وأجاف الباب دوني فقلت ما هذا بشيء فذهبت إلى رجل من عظماء قريش فناديته فخرج إلى فقلت له مثل مقالتي لخالي وقلل لي مثل ما قال خالي فدخل وأخاف الباب دوني فقلت ما هذا بشيء إن المسلمين يضربون وأنا لا أضرب فقال لي رجل أتحب أن يعلم بإسلامك قلت نعم قال فإذا جلس الناس في الحجر فأت فلانا لرجل لم يكن يكتم السر فقل له فيما بينك وبينه إني قد صبأت فإنه قل ما يكتم السر فجئت وقد اجتمع الناس في الحجر فقلت فيما بيني وبينه إني قد صبأت قال أو قد فعلت قلت نعم فنادى بأعلى صوته إن ابن الخطاب قد صبأ فبادروا إلى فما زلت أضر بهم ويضربونني واجتمع علي الناس فقال خالي ما هذه الجماعة قيل عمر قد صبأ فقام علي الحجر فأشار بكمه إلا أني قد أجرت ابن أختي فتكشفوا عني فكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب ويضرب إلا رأيته فقلت ما هذا بشيء قد يصيبني فأتيت خالي فقلت جوارك رد عليك فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سألت عمر رضي الله عنه لأي شيء سميت الفاروق فقال أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام فخرجت إلى المسجد فأسرع أبو جهل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسبه فأخبر حمزة فأخذ قوسه وجاء إلى المسجد إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل فأتكأ على قوسه مقابل أبي جهل فنظر إليه فعرف أبو جهل الشر في وجهه فقال مالك يا أبا عمارة فرفع القوس فضرب بها أخدعه فقطعه فسالت الدماء فأصلحت ذلك قريش مخافة الشر قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف في دار الأرقم المخزومي فانطلق حمزة فأسلم فخرجت بعده بثلاثة أيام فإذا فلان ابن فلان المخزومي فقلت له ارغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد فقال إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني قلت ومن هو قال أختك وختنك فانطلقت فوجدت الباب مغلقا وسمعت همهمة ففتح لي الباب فدخلت فقلت ما هذا الذي أسمع عندكم قالوا ما سمعت شيئا فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأس ختني فضربته ضربة فأدميته فقامت إلى أختي فأخذت برأسي وقالت قد كان ذلك على رغم أنفك فاستحييت حين رأيت الدماء فجلست وقلت أروني هذا الكتاب فقالت أختي إنه لا يمسه إلا المطهرون فإن كنت صاقا فقم واغتسل فقمت فاغتسلت وجئت فجلست فأخرجوا إلى صحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم فقلت أسماء طيبة طاهرة طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلى قوله له الأسماء الحسنى قال فتعظمت في صدري وقلت من هذا فرت قريش فأسلمت وقلت أين رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فإنه في دار الأرقم فأتيت الدار فضربت الباب فاستجمع القوم فقال لهم حمزة مالكم قالوا عمر قال وإن كان عمر أفتحوا له الباب فإن أقبل قبلنا منه وإن أدبر قتلناه فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم فخرج فتشهد عمر فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل مكة قلت يا رسول الله ألسنا على الحق قال بلى قلت ففيم الإخفاء فخرجنا صفين أنا في أحدهما وحمزة في الآخر حتى دخلنا المسجد فنظرت قريش إلى وإلى حمزة فأصابتهم كآبة شديدة لم يصبهم مثلها فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق يؤمئذ لأنه أظهر الإسلام وفرق بين الحق والباطل وأخرج ابن سعد عن ذكوان قال قلت لعائشة من سمى عمر الفاروق قالت النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج ابن ماجة والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أسلم عمر نزل جبري فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أسلم عمر قال المشركون قد انتصف القوم اليوم منا وأنزل الله يا أيها النبي حسبك الله ومن أتبعك من المؤمنين وأخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر
وأخرج ابن سعد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان إسلام عمر فتحا وكانت هجرته نصرا وكانت إمامته رحمة ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى اسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا وأخرج ابن سعد والحاكم عن حذيفة قال لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب إسناده صحيح حسن وأخرج ابن سعد عن صهيب قال لما أسلم عمر رضي الله عنه أظهر الإسلام ودعا إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقا وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتي به وأخرج ابن سعد عن أسلم مولى عمر قال أسلم عمر في ذي الحجة من السنة السادسة من النبوة وهو ابن ست وعشرين سنة
فصل في هجرته رضي الله عنه
أخرج ابن عساكر عن علي قال ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها فطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال شاهت الوجوه من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي فما تبعه منهم أحد
وأخرج عن البراء رضي الله عنه قال أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير ثم ابن أم مكتوم ثم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو على أثري ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه قال النووي شهد عمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها وكان ممن ثبت معه يوم أحد
فصل في الأحاديث الواردة في فضله
غير ما تقدم في ترجمة الصديق رضي الله عنه أخرج الشيخان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر فذكرت غيرتك فوليت مدبرا فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم شربت يعنى اللبن حتى أنظر الرى يجري في أظفاري ثم ناولته عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص يجره قالوا فما أولته يا رسول الله قال الدين وأخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر أي ملهمون وأخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه قال ابن عمر وما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب وأخرجه الطبراني عن أبي سعيد الخدري وعصمة بن مالك وأخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر وأخرج ابن ماجة والحاكم عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يصافحه الحق عمر وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيده فيدخل الجنة وأخرج ابن ماجه والحاكم عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به وأخرج أحمد والبزار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وأخرجه الطبراني من حديث عمر بن الخطاب وبلال ومعاوية بن أبي سفيان وعائشة رضي الله عنهم وأخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر وأخرج ابن منيع في مسنده عن علي رضي الله عنه قال كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر وأخرج البزار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر سراج أهل الجنة وأخرجه ابن عساكر من حديث أبي هريرة والصعب بن جثامة وأخرج البزار عن قدامة بن مظعون عن عمه عثمان بن مظعون قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا غلق الفتنة وأشار بيده إلى عمر لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقرىء عمر السلام وأخبره أن غضبه عز ورضاه حكم وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال إن الشيطان يفرق من عمر وأخرج أحمد من طريق بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان ليفرق منك يا عمر
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم ما في السماء ملك إلا وهو يوقر عمر ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله باهى بأهل عرفة عامة وباهى بعمر خاصة وأخرج في الكبير مثله من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وأخرج الطبراني والديلمي عن الفضل بن العباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحق بعدي مع عمر حيث كان وأخرج الشيخان عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنه قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها إلى ما شاء الله ثم أخذها أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم جاء عمر ابن الخطاب فاستقى فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفرى فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن قال النووى في تهذيبه قال العلماء هذا إشارة إلى خلافة أبي بكر وعمر وكثرة الفتوح وظهرو الإسلام في زمن عمر وأخرج الطبراني عن سديسة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه وأخرجه الدارقطنى في الأفراد من طريق سديسة عن حفصة وأخرج الطبراني عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل ليبك الإسلام على موت عمر وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض عمر فقد أبغضني ومن أحب عمر فقد أحبني وإن الله باهي بالناس عشية عرفة عامة وباهى بعمر خاصة وإنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته محدث وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر قالوا يا رسول الله كيف محدث قال تتكلم الملائكة على لسانه إسناده حسن
فصل في أقوال الصحابة والسلف فيه
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما على ظهر الأرض رجل أحب إلى من عمر أخرجه ابن عساكر وقيل لأبي بكر في مرضه ماذاتقول لربك وقد وليت عمر قال أقول له وليت عليهم خيرهم أخرجه ابن سعد وقال علي رضي الله عنه إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر أخرجه الطبراني في الأوسط وقال ابن عمر رضي الله عنه ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث قبض أحد ولا أجود من عمر أخرجه ابن سعد وقال ابن مسعود رضي الله عنه لو أن علم عمر وضع في كفه ميزان ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح علم عمر بعلمهم ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم أخرجه الطبراني في الكبير والحاكم وقال حذيفة رضي الله عنه كأن علم الناس كان مدسوسا في حجر عمر وقال حذيفة والله ما أعرف رجلا لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر وقالت عائشة رضي الله عنها وذكرت عمر كان والله أحوذ يا نسيج وحده وقال معاوية رضي الله عنه أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها وأما نحن فتمر غنافيها ظهرا لبطن أخرجه الزبير بن بكار في الموفقيات وقال جابر رضي الله عنه دخل على علي عمر وهو مسجى فقال رحمة الله عليك ما من أحد أحب إلى أن ألقى الله بما في صحيفته بعد صحبة النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم من هذا المسجى أخرجه الحاكم
وقال ابن مسعود رضي الله عنه إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله تعالى أخرجه الطبراني والحاكم وسئل ابن عباس عن أبي بكر فقال كان كالخير كله وسئل عن عمر فقال كان كالطير الحذر الذي يرى أن له بكل طريق شركا يأخذه وسئل عن على فقال ملىء عزما وحزما وعلما ونجدة أخرجه في الطيوريات وأخرج الطبراني عن عمير بن ربيعة أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار كيف تجد نعتي قال أجد نعتك قرنا من حديد قال وما قرن من حديد قال أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم قال ثم مه قال ثم يكون من بعدك خليفةتقتله فئة ظالمة قال ثم مه قال ثم يكون البلاء وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال فضل عمر بن الخطاب الناس بأربع بذكر الأسرى يوم بدر أمر بقتلهم فأنزل الله لولا كتاب من الله سبق الآية وبذكر الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن فقالت له زينب وإنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل علينا في بيوتنا فأنزل الله فإذا سألتموهن متاعا الآية وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أيد الإسلام بعمر وبرأيه في أبي بكر كان أول من بايعه وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال كنا نحدث أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر فلما أصيب بثت وأخرج عن سالم بن عبد الله قال أبطأ خبر عمر على أبي موسى فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه فقالت حتى يجيئني شيطاني فجاء فسألته عنه فقال تركته مؤتزرا بكساء يهنأ أبل الصدقة وذاك رجل لا يراه شيطان إلا خر لمنخريه الملك بين عينيه وروح القدس ينطق بلسانه فصل قال سفيان الثوري من زعم أن عليا كان أحق بالولاية من أبي بكر وعمر فقد أخطأ وخطأ ابا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار
وقال شريك ليس يقدم عليا على ابي بكر وعمر أحد فيه خير وقال أبو أسامة أتدرون من أبو بكر وعمر هما أبو الإسلام وأمه وقال جعفر الصادق أنا برىء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير
فصل في موافقات عمر رضي الله عنه
قد أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين
أخرج ابن مردويه عن مجاهد قال كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن وأخرج ابن عساكر عن علي قال إن في القرآن لرأيا م نرأى عمر وأخرج عن ابن عمر مرفوعا ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر وأخرج الشيخان عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخدنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم في الغيرة فقلت عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك وأخرج مسلم عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث في الحجاب وفي أسارى بدر وفي مقام إبراهيم ففي هذا الحديث خصلة رابعة
وفي التهذيب للنووي نزل القرآن بموافقته في أسرى بدر وفي الحجاب
وفي مقام إبراهيم وفي تحريم الخمر فزاد خصلة خامسة وحديثها في السنن ومستدرك الحاكم أنه قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تحريمها
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال قال عمر وافقت ربي في أربع نزلت هذه الآية ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين الآية فلما نزلت قلت أنا فتبارك الله حسن الخالقين فنزلت فتبارك الله أحسن الخالقين فزاد في هذا الحديث خصلة سادسة وللحديث طريق آخر عن ابن عباس أوردته في التفسير المسند ثم رأيت في كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال وافق عمر ربه في أحد وعشرين موضعا فذكر هذه الستة وزاد سابعا قصة عبد الله ابن أبي قلت حديثها في الصحيح عنه قال لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم للصلاة عليه فقام إليه فقمت حتى وقفت في صدره فقلت يا رسول الله أو على عدو الله ابن أبي القائل يوم كذا كذا فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا الآية وثامنا يسألونك عن الخمر الآية وتاسعا يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة الآية قلت هما مع آية المائدة خصلة واحدة والثلاثة في الحديث السابق وعاشرا لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم قال عمر سواء عليهم فأنزل الله سواء عليهم استغفرت لهم الآية قلت أخرجه الطبراني عن ابن عباس الحادي عشر لما استشار صلى الله عليه وسلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر بالخروج فنزلت كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الآية الثاني عشر لما استشار الصحابة في قصة الإفك قال عمر من زوجكها يا رسول الله قال الله قال افتظن أن ربك دلس عليك فيها سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت كذلك
الثالث عشر قصته في الصيام لما جامع زوجته بعد الانتباه وكان ذلك محرما في أول الإسلام فنزل أحل لكم ليلة الصيام الآية قلت أخرجه أحمد في مسنده الرابع عشر قوله تعالى من كان عدوا لجبريل الآية قلت أخرجه ابن جرير وغيره من طرق عديدة وأقر بها للموافقة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقى عمر فقال إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدولنا فقال له عمر من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين فنزلت على لسان عمر الخامس عشر قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون الآية قلت أخرج قصتها ابن أبي حاتم وابن مروديه عن أبي الأسود قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه ردنا إلى عمر بن الخطاب فأتيا إليه فقال الرجل قضى لي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم على هذا فقال ردنا إلى عمر فقال أكذاك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكم فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فقال يا رسول الله قتل عمر والله صاحبي فقال ما كنت أظن أن يجترىء عمر على قتل مؤمن فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون الآية فأهدر دم الرجل وبرىء عمر من قتله وله شاهد موصول أوردته في التفسير المسند السادس عشر الاستئذان في الدخول وذلك أنه دخل عليه غلامه وكان نائما فقال اللهم حرم الدخول فنزلت آية الاستئذان السابع عشر قوله في اليهود إنهم قوم بهت الثامن عشر قوله تعالى ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قلت أخرج قصتها ابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله وهي في أسباب النزول
التاسع عشر رفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا الآية العشرون قوله يوم أحد لما قال أبو سفيان أفي القوم فلان لا نجيبنه فوافقه رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قلت أخرج قصته أحمد في مسنده قال ويضم إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن كعب الأحبار قال ويل لملك الأرض من ملك السماء فقال عمر إلا من حاسب نفسه فقال كعب والذي نفسي بيده إنها في التوراة لتابعتها فخر عمر ساجدا ثم رأيت في الكامل لابن عدي من طريق عبد الله بن نافع وهو ضعيف عن أبيه عن عمر أن بلالا كان يقو ل إذا أذن اشهد أن لا إله إلا الله حي على الصلاة فقال له عمر قل في أثرها أشهد أن محمدا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل كما قال عمر
فصل في كراماته رضي الله عنه
أخرج البيهقي وأبو نعيم كلاهما في دلائل النبوة واللالكائي في شرح السنة والدير عاقولي في فوائده وابن الأعرابي في كرامات الأولياء والخطيب في رواة مالك عن نافع عن ابن عمر قال وجه عمر جيشا ورأس عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي يا سارية الجبل ثلاثا ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوت ينادي يا سارية الجبل ثلاثا فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله قال قيل لعمر إنك كنت تصيح بذلك وذلك الجبل الذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم قال ابن حجر في الإصابة إسناده حسن وأخرج ابن مروديه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عمر قال كان عمر يخطب يوم الجمعة فعرض في خطبته أن قال يا سارية الجبل من استر الذئب ظلم فالتفت الناس بعضهم لبعض فقال لهم على ليخرجن مما قال فلما فرغ سألوه فقال وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا وإنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد وإن جاوزوا هلكوا فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه قال فجاء البشير بعد شهر فذكر أنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم قال فعدلنا إلى الجبل ففتح الله علينا وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عمرو بن الحارث قال بينما عمر بن الخطاب على المنبر يخطب يوم الجمعة إذ ترك الخطبة فقال يا سارية الجبل مرتين أو ثلاثا ثم أقبل على خطبته فقال بعض الحاضرين لقد جن إنه لمجنون فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف وكان يطمئن إليه فقال لشد ما ألومهم عليك إنك لتجعل لهم على نفسك مقالا بينا أنت تخطب إذا أنت تصيح يا سارية الجبل أي شيء هذا قال إني والله ما ملكت ذلك رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم فلم أملك أن قلت يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل فلبثوا إلى أن جاء رسول سارية بكتابه إن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم حتى إذا حضرت الجمعة ودار حاجب الشمس سمعنا مناديا ينادي يا سارية الجبل مرتين فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين لعدونا حتى هزمهم الله وقتلهم فقال أولئك الذين طعنوا عليه دعوا هذا الرجل فإنه مصنوع له وأخرج أبو القاسم بن بشران في فوائده من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال قال عمر بن الخطاب لرجل ما اسمك قال جمرة قال ابن من قال ابن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين مسكنك قال الحرة قال بأيها قال بذات لظى فقال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا فرجع الرجل فوجد أهله قد احترقوا وأخرج مالك في الموطإ عن يحيى بن سعيد نحوه وأخرجه ابن دريد في الأخبار المنثورة وابن الكلبي في الجامع وغيرهم
وقال أبو الشيخ في كتاب العظمة حدثنا أبو الطيب حدثنا علي بن داود حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل يوم من أشهر العجم فقالوا يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها قال وما ذاك قالوا إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الثياب والحلي أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذاالنيل فقال لهم عمرو إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام وإن الإسلام يهدم ما كان قبله فأقاموا والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب له أن قد أصبت بالذي قلت وإن الإسلام يهدم ما كان قبله وبعث بطاقة في داخل كتابه وكتب إلىعمرو إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل كتابي فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله يجريك فأسأل الله الواحد القهار أن يجريك فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم فأصبحوا وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة فقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم وأخرج ابن عساكر عن طارق بن شهاب قال إن كان الرجل ليحدث عمر بالحديث فيكذبه الكذبة فيقول احبس هذه ثم يحدثه بالحديث فيقول احبس هذه فيقول له كل ما حدثتك حق إلا ما أمرتني أن أحبسه وأخرج عن الحسن قال إن كان أحد يعرف الكذب إذا حدث به فهو عمر بن الخطاب وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هدبة الحمصي قال أخبر عمر بأن أهل العراق قد حصبوا أميرهم فخرج غضبان فصلى فسها في صلاته فلما سلم قال اللهم إنهم قد لبسوا على فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقيل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم قلت أشاربه إلى الحجاج قال ابن لهيعة وما ولد الحجاج يؤمئذ
فصل في نبذ من سيرته
أخرج ابن سعد عن الأحنف بن قيس قال كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا سرية أمير المؤمنين فقال ما هي لأمير المؤمنين بسرية ولا تحل له إنها من مال الله فقلنا فماذا يحل له من مال الله تعالى قال إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين حلة للشتاء وحلة للصيف وما أحج به وأعتمر وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين وقال خزيمة بن ثابت كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له واشترط عليه أن لا يركب برذونا ولا يأكل نقيا ولا يلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة وقال عكرمة بن خالد وغيره إن حفصة وعبد الله وغيرهما كلموا عمر فقالوا لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق قال أكلكم على هذا الرأي قالوا نعم قال قد علمت نصحكم ولكني تركت صاحبي على جادة
فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل
قال وأصاب الناس سنة 3 فما أكل عامئذ سمنا ولا سمينا وقال ابن مليكة كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه فقال ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها وقال الحسن دخل عمر على ابنه عصام وهويأكل لحما فقال ما هذا قال قرمنا إليه قال أو كلما قرمت إلى شيء أكلته كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى وقال أسلم قال عمر لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري قال فرحل يرفأ راحلته وسار أربعا مقبلا وأربعا مدبرا واشترى مكتلا فجاء به وعمد إلى الراحلة فغسلها فأتى عمر فقال انطلق حتى أنظر إلى الراحلة فنظر وقال أنسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنيها عذبت بهيمة في شهوة عمر إلا والله لا يذوق عمر مكتلك وقال قتادة كان عمر يلبس وهو خليفة جبة من صوف مرقوعة بعضها بآدم ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بهال الناس ويمر بالنكث والنوى فيلتقطه ويلقيه في منازل الناس ينتفعون به وقال أنس رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه وقال أبو عثمان النهدي رأيت على عمر إزارا مرقوعا بأدم وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة حججت مع عمر فما ضرب فسطاطا ولا خباء كان يلقى الكساء والنطع على الشجرة ويستظل تحته وقال عبد الله بن عيسى كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء وقال الحسن كان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما وقال أنس دخلت حائطا فسمعت عمر يقول وبيني وبينه جادا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ والله لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك الله وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أك شيئا ليت أمي لم تلدني وقال عبيد الله ابن عمر بن حفص حمل عمر بن الخطاب قربة على عنقه فقيل له في ذلك فقال إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها وقال محمد سيرين قدم صهر لعمر عليه فطلب أن يعطيه من بيت المال فانتهره عمر وقال أردت أن ألقى الله ملكا خائنا ثم أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم وقال النخعي كان عمر يتجر وهو خليفة وقال أنس تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة وكان قد حرم على نفسه السمن فنقر بطنه بأصبعه وقال إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس وقال سفيان بن عيينة قال عمر بن الخطاب أحب الناس إلي من رفع إلى عيوبي وقال أسلم رأيت عمر بن الخطاب يأخذ بأذن الفرس ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس وقال ابن عمر ما رأيت عمر غضب قط فذكر الله عنده أو خوف أوقرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عما كان يريد وقال بلال لأسلم كيف تجدون عمر فقال خير الناس إلا أنه إذا غضب فهو أمر عظيم فقال بلال لو كنت عنده إذا غضب قرأت عليه القرآن حتى يذهب غضبه وقال الأحوص بن حكيم عن أبيه أتى عمر بلحم فيه سمن فأبى أن يأكلها وقال كل واحد منهما أدم أخرج هذه الآثار كلها ابن سعد وأخرج ابن سعد عن الحسن قال قال عمر هان شيء أصلح به قوما أن أبدلهم أميرا مكان أمير
فصل في صفته رضي الله عنه أخرج ابن سعد والحاكم عن زر قال خرجت مع أهل المدينة في يوم عيد فرأيت عمر يمشي حافيا شيخا أصلع آدم أعسر طوالا مشرفا على الناس كأنه على دابة قال الواقدي لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة فإنه كان تغير لونه حين أكل الزيت وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أنه وصف عمر فقال رجل أبيض تعلوه حمرة طوال أصلع أشيب
وأخرج عن عبيد بن عمير قال كان عمر يفوق الناس طولا وأخرج عن سلمة بن الأكوع قال كان عمر رجل أعسر يسر يعني يعتمد بيديه جميعا وأخرج ابن عساكر عن أبي رجاء العطاردي قال كان عمر رجلا طويلا جسيما أصلع شديد الصلع أبيض شديد الحمرة في عارضيه خفة سبلته كبيرة وفي أطرافها صهبة
وفي تاريخ ابن عساكر من طرق أن أم عمر بن الخطاب حنتمة بنت هشام ابن المغيرة أخت أبي جهل بن هشام فكان أبو جهل خاله
فصل في خلافته رضي الله عنه
ولى الخلافة بعهد من أبي بكر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة قال الزهري استخلف عمر يوم توفي أبو بكر وهو يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة أخرجه الحاكم فقام بالأمر أتم قيام وكثرت الفتوح في أيامه ففي سنة أربع عشرة فتحت دمشق ما بين صلح وعنوة وحمص وبعلبك صلحا والبصرة والأبلة كلاهما عنوة وفيها جمع عمر بالناس على صلاة التراويح قاله العسكري في الأوائل وفي سنة خمس عشرة فتحت الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنها فتحت صلحا وفيهاكانت وقعة اليرموك والقادسية قال ابن جرير وفيها مصر سعد الكوفة وفيها فرض عمر الفروض ودون الدواوين وأعطى العطاء على السابقة وفي سنة ست عشرة فتحت الأهواز والمدائن وأقام بها سعد الجمعة في إيوان كسرى وهي أول جمعة جمعت بالعراق وذلك في صفر وفيها كانت وقعة جلولاء وهزم فيها يزدجرد بن كسرى وتقهقر إلى الري وفيها فتحت تكريت وفيها سار عمر ففتح بيت المقدس وخطب بالجباية خطبته المشهورة وفيها فتحت قنسرين عنوة وحلب وإنطاكية ومنبج صلحا وسروج عنوة وفيها فتحت قرقيسياء صلحا وفي ربيع الأول كتب التاريخ من الهجرة بمشورة علي وفي سنة سبع عشرة زاد عمر في المسجد النبوي وفيها كان القحط بالحجاز وسمى عام الرمادة واستسقى عمر للناس بالعباس أخرج ابن سعد عن نيار الأسلمي أن عمر لما خرج يستسقى خرج وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عن ابن عون قال أخذ عمر بيد العباس ثم رفعها وقال اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المحل وأن تسقينا الغيث فلم يبرحوا حتى سقوا فأطبقت السماء عليهم أياما وفيها فتحت الأهواز صلحا وفي سنة ثمان عشرة فتحت جنديسابور صلحا وحلوان عنوة وفيها كان طاعون عمواس وفهيا فتحت الرها وسميساط عنوة وحران ونصيبين وطائفة من الجزيرة عنوة وقيل صلحا والموصل ونواحيها عنوة وفي سنة تسع عشرة فتحت قيسارية عنوة وفي سنة عشرين فتحت مصر عنوة وقيل مصر كلها صلحا إلا الإسكندرية فعنوة وقال على بن رباح المغرب كله عنوة وفيها فتحت تستر وفيها هلك قيصر عظيم الروم وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران وقسم خيبر ووادي القرى وفي سنة إحدى وعشرين فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند ولم يكن للأعاجم بعدها جماعة وبرقة وغيرها وفي سنة اثنتين وعشرين فتحت أذربيجان عنوة وقيل صلحا والدينور عنوة وما سبذان عنوة وهمذان عنوة وطرابلس المغرب والري وعسكر وقومس وفي سنة ثلاث وعشرين كان فتح كرمان وسجستان ومكران من بلاد الجبل وأصبهان ونواحيها وفي آخرها كانت وفاة سيدنا عمر رضي الله عنه بعد صدوره من الحج شهيدا قال سعيد بن المسيب لما نفر عمر من مني أناخ بالأبطح ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فأقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل أخرجه الحاكم وقال أبو صالح السمان قال كعب الأحبار لعمر أجدك في التوراة تقتل شهيدا قال وأني لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب وقال أسلم قال عمر اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك أخرجه البخاري وقال معدان بن أبي طلحة خطب عمر فقال رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين وإني لا أراه إلا حضور أجلي وإن قوما يأمروني أن استخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم أخرجه الحاكم قال الزهري كان عمر رضي الله عنه لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب إليه المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده جملة صنائع ويستأذنه أن يدخل المدينة ويقول إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس إنه حداد نقاش نجار فأذن له أن يرسله المدينة وضرب عليه المغيرة مائة درهم في الشهر فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج فقال ما خراجك بكثير فانصرف ساخطا يتذمر فلبث عمر ليالي ثم دعاه فقال ألم أخبر أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت إلى عمر عابسا وقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها فلما ولى قال عمر لأصحابه أوعدني العبد آنفا ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه فكمن بزاوية من زوايا المسجد في الغلس فلم يزل هناك حتى خرج عمر يوقظ الناس للصلاة فلما دنا منه طعنه ثلاث طعنات أخرجه ابن سعد وقال عمرو بن ميمون الأنصاري إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلا مات منهم ستة فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا فلما اغتم فيه قتل نفسه وقال أبو رافع كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقى عمر فقال يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه فقال أحسن إلى مولاك ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه فغضب وقال يسع الناس كلهم عدله غيري وأضمر قتله واتخذ خنجرا وشحذه وسمه وكان عمر يقول أقيموا صفوفكم قبل أن يكبر فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر وطعن ثلاثة عشر رجلا معه فمات منهم ستة وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس تطلع فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سورتين وأتى عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين فسقوه لبنا فخرج من جرحه فقالوا لا بأس عليك فقال إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت فجعل الناس يثنون عليه ويقولون كنت وكنت فقال أما والله وددت أني خرجت منها كفافا لا على ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم سلمت لي واثنى عليه ابن عباس فقال لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع وقد جعلتها شورى في عثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأمر صهيبا أن يصلي بالناس وأجل الستة ثلاثا أخرجه الحاكم وقال ابن عباس كان أبو لؤلؤة مجوسيا
وقال عمرو بن ميمون قال عمر الحمد الله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعى الإسلام ثم قال لابنه يا عبد الله أنظر ما على من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها فقال إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فأسأل في بني عدي فإن لم تف أموالهم فأسأل في قريش أذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه فذهب إليها فقالت كنت أريده تعنى المكان لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فأتى عبد الله فقال قد أذنت فحمد الله تعالى وقيل له أوص يا أمير المؤمنين واستخلف قال ما أرى أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفى رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم وهو عنهم راض فسمى الستة وقال يشهد عبد الله بن عمر معهم وليس له من الأمر شيء فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعين به أيكم ما أمر فإني لم أعز له من عجز ولا خيانة ثم قال أوصى الخليفة من بعدي بتقوى الله وأوصيه بالمهاجرين والأنصار وأوصيه بأهل الأمصار خيرا في مثل ذلك من الوصية فلما توفي خرجنا به نمشي فسلم عبد الله بن عمر وقال عمر يستأذن فقالت عائشة أدخلوه فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه فلما فرغوا من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن بن عوف اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي وقال سعد قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن وقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان قال فخلا هؤلاء الثلاثة فقال عبد الرحمن أنا لا أريدها فأيكما يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه وليحرص على صلاح الأمة فسكت الشيخان علي وعثمان فقال عبد الرحمن أجعلوه إلى والله على لا آلوكم عن أفضلكم قالا نعم فخلا بعلي وقال لك من القدم في الإسلام والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علمت الله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطعين قال نعم ثم خلا بالآخر فقال له كذلك فلما أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه على
وفي مسند أحمد عن عمر أنه قال إن أدركني أجلى وأبو عبيدة بن الجراح حتى استخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لكل نبي أمينا وأميني أبو عبيدة بن الجراح فإن أدركني أجلى وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فإن سألني ربي لم استخلفته قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبدة وقد ماتا في خلافته وفي المسند أيضا عن أبي رافع أنه قيل لعمر عند موته في الاستخلاف فقال قد رأيت من أصحابي حرصا سيئا ولو أدركني أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الأحد مستهل المحرم الحرام وله ثلاث وستون سنة وقيل ست وستون سنة وقيل إحدى وستون وقيل ستون ورجحه الواقدي وقيل تسع وخمسون وقيل خمس أو أربع وخمسون وصلى عليه صهيب في المسجد وفي تهذيب المزني كان نقش خاتم عمر كفى بالموت واعظا يا عمر وأخرج الطبراني عن طارق بن شهاب قال قالت أم أيمن يوم قتل عمر اليوم وهي الإسلام
وأخرج عبد الرحمن بن يسار قال شهدت موت عمر بن الخطاب فانكسفت الشمس يومئذ رجاله ثقات
فصل في أوليات عمر رضي الله عنه
قال العسكري هو أول من سمى أمير المؤمنين وأول من كتب التاريخ من الهجرة وأول من أتخذ بيت المال وأول من سن قيام شهر رمضان وأول من عس بالليل وأول من عاقب على الهجاء وأول من ضرب في الخمر ثمانين وأول من حرم المتعة وأول من نهى عن بيع أمهات الأولاد وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات وأول من أتخذ الديوان وأول من فتح الفتوح ومسح السو